بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد وعجل فرجهم
لما رأى يوسف الصديق عليه السلام عدم تمكنه وخوفه على دينه من نساء مصر قال عليه السلام ( السجن أحب الي ) وذلك لكي يتخلص من مكرهن وكيدهن وهو الخائف لقوله عليه السلام ( أصبوا اليهن )..وهي من صبابة القلب على الغريزة ..فطلب عليه السلام الخلاص منهن وكان السجن هو خلاصه من محنته .
ولكن الله تعالى سخر السجن لنبي الله يوسف على نبينا وآله وعليه السلام مكانا للدعوة الى دين الله وكان معززا ومكرما الى أن خرج من سجنه بعد سبع أو ثمان سنوات معدودة من سجن زاويرا وأصبح عزيز مصر وكان خروجه من السجن بمرسوم ملكي وجميع أهل مصر استقبلوه بالورود والرياحين وقد وضعوا تحت أقدامه الفرش الحمراء حتى دخل على ملك مصر .
أما سيدي ومولاي موسى الكاظم عليه السلام الذي قضى عشرون عاما من عمره الشريف في سجون فرعون زمانه (هارون العباسي ) بدءا من البصرة الى بغداد الى سجن السندي بن شاهك الذي لم يستطع الامام المظلوم أن يميز الليل من النهار وكان طوال سجنه صائما في تلك السنوات العجاف والمظلمة .
دخل عليه السجان في سجنه بالبصرة وقد أمر بأطلاق سراحه في منتصف الليل وقال له ( هل تريد أن تخرج الأن أم تنتظر الى الصبح )..فقال الأمام عليه السلام ( بل أخرج الأن فأن عيالي وأطفالي قد استوحشوا لفراقي ) .
وما لبث أياما معدودة حتى أعيد الى سجن القنطرة في بغداد وكلما دخل سجنا كان أشد من قبله وكانوا يضيقون عليه .
أرسل هارون العباسي أجمل الجواري الى سجن الأمام المظلوم لإغراء الأمام عليه السلام وكان السجن في طامورة في باطن وجوف الأرض ولما كانت تسير ينبلج الحسن والجمال من مظهرها ..فأدخلها السجان وأغلق عليهم باب السجن وهي وحدها مع الامام عليه السلام ..أسألك سيدي نبي الله يوسف عليك السلام ..ألم تهرب من زليخا عندما قال (هئت لك ) وغلقت عليك الأبواب السبعة ونجوت بنفسك وقد هبط عليك جبرائيل عليه السلام وأمرك بذلك ؟
سيدي نبي الله يوسف سلام الله عليك أنظر الى الأمام موسى الكاظم عليه السلام وها هي قد دخلت عليه أجمل الجواري وهما الأن وحدهما في طامورة مظلمة وسوف أنقل لك الان وقائع هذه الحادثة مباشرة :
الامام موسى الكاظم عليه السلام في سجوده وبكائه وتضرعه كما هي عادته وهو في مناجاته مع الحبيب الأعلى وهو يقول في تضرعه وسجوده ( اللهم لك الحمد أن جعلت لي مكانا للعبادة ..الهي خلصني من بين يدي هارون )..
وقد أفترش الأمام نفسه للسجود وقد مد أحد رجليه لأنه قد تم كسره بأثر الضرب بمقامع الحديد ( السلام على ذو الساق المرضوض )...وبينما الأمام في سجوده ومناجاته قامت الجارية بالتعري وألقت جميع ماعليها من ثياب وقالت بصوت رقيق مخاطبة الأمام عليه السلام : أليس لك حاجة : ولم يجبها الامام عليه السلام ولم ينظر خلفه اليها .
ولما كررت النداء الذي يشبه قول ( هئت لك ) ..نظر اليها الأمام المعصوم حفيد السجدة الطويلة وراهب ال البيت .
وغطاها الأمام عليه السلام بعبائته المباركة ..نعم غطى جسدها العاري ..هذا ابن محمد المصطفى صلى الله عليه واله الذي صدع الجبل من تحمل الأمانة ونزل القرأن على قلبه ..وهذا موسى الكاظم حفيد محمد صلى الله عليه واله ووارث علمه وأدبه وخلقه ومنطقه ...ولما رأى الأمام جهل هذه الجارية ومكر هارون وخبث سريرته ..رق الامام عليه السلام حزنا على حالها وقال لها ...أنظري الى هذا الجدار ..( جدار السجن )..وفتح الامام عليه السلام اصبعيه وقال للجارية :
أمة الله أنظري من خلال أصابعي الى الجدار الان ..ولما نظرت الجارية الى الجدار واذا بها ترى الجنة ..نعم ..لقد أراها الأمام عليه السلام الجنة ..ونظرت الى الحور العين والقصور والى الأنهار والى جمال الجنة ..حينها قال لها الأمام عليه السلام ..أمة الله أعبدي الله حق عبادته وأصبري على طاعته ليكون جزاؤك جنة عرضها السموات والأرض .
سيدي نبي الله يوسف مازلت أنقل لك وقائع مايحدث في سجن هارون اللعين .
وقضت ساعات حينها أرسل هارون اللعين خلف السجان وقال له : الأن ادخل السجن وانظر ماذا يجري ..
ومامضت الا فترة حتى جاء السجان مهرولا الى هارون ليخبره بأن الجارية ساجدة وتصلي خلف الأمام وهي تبكي وتناجي ربها أن يغفر لها بحرمة الامام موسى بن جعفر عليه السلام .
حينها أمر هارون اللعين بأخراج الجارية من السجن وقال لها ..أنا أرسلتك لأغواء وأغراء موسى بن جعفر أصبحت تصلين خلفه وتبكين وتناجين الله ..قالت الجارية ..وكما قال أهل مصر لفرعون ( اقض ما أنت قاض انما تقضي هذه الحياة الدنيا )...قالت ..نور وجه الامام قد تجلى فيه عظمه الله في عرشه ,,لقد أراني الجنة ..وانا لا أقدم شيء على جنة الله ..أمامي موسى هو جنتي ..أمامي موسى هو طريقي الى الله ..عندها أمر هارون بقتلها خوفا من نشر الخبر .
سيدي يوسف الصديق أن كان قد سجد لك أحد عشر كوكبا والشمس والقمر فقد سجد الكون كله لموسى بن جعفر عليه السلام لأن الله تعالى قد خلق الكون ومافيه لأجل محبة أهل البيت عليهم السلام وموسى الكاظم عليه السلام من أهل البيت
سيدي يوسف الصديق أن كنت قد رأيت في رؤياك بأن الشمس والقمر قد سجدوا لك ..فأن أمامي موسى الكاظم عليه السلام قد رأى جده رسول الله صلى الله عليه واله وأخبره بأن يوم خلاصه من السجن يوم الجمعة على الجسر ببغداد وهو مقيد بالسلاسل ويحمل جنازنه أربعة من حمالي يغداد وينادى عليه بذل الأستخفاف .
سيدي يوسف الصديق ..عذرا فأنا لا أعترض على مقام نبوتك حاشا لله ..وما أنا وماقدري ..أنا خدام لتراب نعليك وأقبل الثرى تحت قدميك ..ولكني قد وضعتك في وجه المقارنة مع سيدي موسى الكاظم عليه السلام لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول ( حسنات الأبرار سيئات المقربين )...وما أعظم قدرك سيدي يوسف الصديق وما أعلى شأنك ولكن حسناتك الى مقام الامام موسى الكاظم سيئات .
وبسجنه كم من أسى قد مسه
لايستطيع له نبي مرسل
لايوسف الصديق يحكيه وان
جل البلاء فخطب موسى أشكل
فليوسف عند الخروج تباشروا
وعليه تاج الملك وهو مكلل
وابن النبي له خروج مثله
لكنه ميت بلوح يحمل
المصادر :
باقر شريف القريشي ..حياة الأمام موسى الكاظم عليه السلام
كمال السيد ...الأمام موسى الكاظم عليه السلام