س2: ماذا يريد الحسين(ع) منا ؟ إن إمامنا سيد الشهداء(ع) يطلبنا بأمور إذا طبقناها نصبح من أحبابه وتشملنا رحمته وشفاعته0 يوم لاتنفع إلا شفاعتهم0 من أهم تلك الأمور: ألاستقامة على ذكر المظلوميةإن القلم يكاد أن يجف وإن اللسان يتوهن بالعجز ويهيمن عليه الصمت والذهول وإن العين لتذرف الدموع الغزار عندما يذكرالموالي أبشع جريمة عرفها التاريخ البشري ولاأعرف من أين أبدأ وكيف أنتهي عندما أذكر مظلومبة أبي عبدالله الحسين(ع) ومأساة الطف ولكن أكتفي بذكر موقف واحد كان يطلبه أبي الضيم(ع) في ذلك اليوم العصيب وهو مخضب بدمه على رمضاء كربلاء وهذا الطلب يخص به شيعته دون سواهم0مما ذكر في كتاب مثير الأحزان للشيخ المفيد عليه الرحمة وهو يستعرض المصائب التي حلت على أهل البيت(ع) وحرائر الرسالة يوم كربلاء من بينهم ذكر هذه المصيبة0يقول: وجاءت سكينة بنت الحسين(ع) فاعتنقت أباها وجعلت تمرغ وجهها على جسده وهي تبكي ، حتى غشي عليها ثم جاء أعداء الله فجذبوها منه ، وأبعدوها عنه وأركبوها0قالت سكينة: سمعت أبي يقول: وأنا عند الجسد الشريف0 شيعتي ماإن شربتم عذب ماء فاذكروني أوســـمعـتــم بقتيل أوشــهيد فانـدبــوني
فأنـا السـبـط الذي من غير جرم قتلونـي وبجرد الخيل بعد القتل عمدا ســحقـونـي
ليتكم في يوم عاشورا جميعا تنظـروني كيف أستسقي لطفلي فأبوا أن يرحموني
هذه الوصية حري بكل موال محب للحسين(ع) أن يستقيم عليها لأنها عبارة عن صك ولائي قد ختم بثقة الإمام(ع) في شيعته حيث انه قد طلب منهم هذا الطلب وهويعلم بأن شيعته هم أهل للإستقامة على ذلك ومامنهم إلا من يهتف من أعماق قلبه{لبيك ياحسين}أيضا هذا العمل وهو عند شرب الماء نذكرعطش الحسين(ع) ونلعن ظالميه قد يتصوره المتصور بسيط وسهل وغير مكلف ولكن ثوابه كبير وعظيم لأنه يعمق مظلومية أهل البيبت(ع) في نفوس الأجيال الولائية المتتالية والمتعاقبة وإن الإستمرارية على هذا الفعل يحقق الطلب وهو ما أراده الحسين(ع) منا ولو كان يتميزبمنتهى القدراليسيرمن الفعل الحسن إلا أنه يقربنا من سفينة نجاة العالمين 0لذلك تجد بأن الأئمة(ع) كانوا باستمراريذئبون على ذكر مظلومية الإمام الحسين(ع) ولا يفترون لقد ورد عن الإمام زين العابدين(ع) بعد استشهاد أبيه الحسين(ع) ماقدم له شرابا أوطعاما إلا ومزجه بدموع عينيه وكان(ع) يمر على الجزارين ويرى الجزار وهو يهم لذبح الكبش يقول له: هل سقيته الماء قبل الذبح فتسيل دموعه على خديه ويقول: {لقد ذبح أبي الحسين عطشانا} ويقول الإمام الصادق(ع): بكى علي بن الحسين(ع) عشرين سنة وما وضع بين يديه طعام إلا بكى حتى قال له مولاه: جعلت فداك يابن رسول الله إني أخاف أن تكون من الهالكين ، قال:{إنما أشكوبثي وحزني إلى الله ، وأعلم من الله مالا تعلمون}0(1) ثم قال(ع): {إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا وخنقتني العبرة}0وهذا الصنيع من الإمام السجاد(ع) إنما يدلل على الإستمرارية في ذكر تعميق المظلومية0وكان الإمام الصادق(ع) إذا مرت عليه مصيبة يتذكر مصيبة جده الحسين(ع) ، ويذكر بها أصحابه ، من ذلك: لما أمر المنصور الدوانيقي عامله على المدينة أن يحرق على أبي عبدالله الصادق(ع) داره فجاءوا بالحطب فوضعوه على دار الإمام(ع) وأضرموا فيه النار ، فلما أخذت النار ما في الدهليز تصايحت العلويات داخل الدار وارتفعت أصواتهن ، فخرج الإمام(ع) وعليه قميص وإزار وفي رجليه نعلان فجعل يخمد النار، ويطفئ الحريق حتى قضى عليها فلما كان الغد دخل عليه بعض شيعته يسألونه فوجدوه حزينا باكيا فقالوا: ممن هذا التأثر والبكاء ؟ أمن الجراة عليكم أهل البيت وليس منهم أول مرة؟ فقال الإمام(ع) لا ولكن لما أخذت النار مافي الدهليز نظرت إلى نسائي وبناتي يتراكضن في صحن الدار من حجرة إلى حجرة ، ومن مكان إلى مكان هذا وأنا معهن في الدار ، فتذكرت فرارعيال جدي الحسين(ع) يوم عاشوراء من خيمة إلى خيمة ومن خباء إلى خباء والمنادي ينادي: احرقوا بيوت الظالمين 0فالإمام الصادق(ع) هنا في هذا المورد قرن هذا الحدث الذي انتهك حرمته بذلك الحدث الأليم الذي انتهك حرمة جده الحسين(ع) وبالتالي يريد أن يربي أصحابه وشيعته على هذا الفعل النقي الشريف وهو الإستقامة على ذكر مظلومية الإمام الحسين(ع)0 (2)فينبغي أن يستقيم المؤمن الموالي الذي ينتمي إلى أهل البيت(ع) على هذا النهج وهو {ذكر المظلومية} الذي قد أكد عليه سيد الشهداء(ع) وأراده أن ترتضعه وتحتضنه أجيال الولاء في كل زمان ومكان00 ومنها: أي من جملة تلك الأمور التي يطلبها مولانا أبو الأحرار(ع) منا *الحفاظ على قدسية الشعار الحسينيإن الشعارات الحسينية التي أطلقها الإمام الحسين(ع) في يوم عاشوراء وفي طف التضحية والفداء هي شعارات مقدسة وتستمد تلك القدسية من عظمة ورفعة وطهارة الإمام المعصوم(ع) 0والشعار الحسيني واضح للجميع كوضوح الشمس في رابعة النهاربأنه شعارالعزة والكرامة ‘ والإباء ، والإصلاح ، والحرية وتحرير الإنسان من ذل الهيمنة والإستعباد0فمن هنا لايجوز تحريف هذا الشعار الخالد الذي خطه سيد الشهداء(ع) بدمه الطاهر فبما ان الحسين(ع) أراد بثورته المجيدة العزة والكرامة لي ولك ولكل الناس فلا بد أن يسعى كل شريف لتحقيق الكرامة في وجدانه وإذا سعى لإيجاد العزة والكرامة في حياته وحياة الآخرين أصبح من الحسينيين0أيضا الحسين(ع) كره الإستسلام والخنوع ورأى بأن الحياة مع الظالمين دنيئة وفيها منقصة وذلة لشخصيته وللأمة فرفع هذا الشعارالمقدس في وجوه كل الظالمين والمستبدين والمفسدين وقال(ع):{إني لاأرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما}وقال(ع):{ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين ، بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة} (3) كذلك الإمام الحسين(ع) تتمثل قدسية شعاره في الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكرحيث قال(ع):{إني لم أخرج أشرا ولا بطرا إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمد ، وشيعة أبي علي بن أبي طالب فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ومن رد علي أصبر حتى يحكم الله بيني وبين القوم الظالمين}(4)هذه الرسالة البليغة الوافية وهي رسالة الإصلاح الإجتماعي والسياسي في الأمة يريدها الإمام الحسين(ع) منا جميعا ، أما إذا تخلينا عن مسئولية الإصلاح والأمربالمعروف والنهي عن المنكرفإننا نكون قد فرطنا في ماأراده الحسين(ع) منا0*فالحسين(ع) يريد منا أن نعيش أعزاء لاأن نكون أذلاء يتحكم فينا الجبابرة والطغاة وأعداء الإنسانية0*والحسين(ع) يريد منا أن نصلح حياتنا وأسرنا ومجتمعنا وواقعنا وأن نامر بالمعروف وننهى عن المنكر ونقف بجانب الحق والمظلوم ونتمرد على الباطل والواقع الفاسد السيء0* والحسين(ع) يريد منا أن نكون أحرارا لاأن نكون عبيدا فتستعبدنا المادة الحقيرة والدنيا الدنيئة والأهواء الرخيصة والألاعيب الشيطانية والنزعات والإغراءات السلطوية فإن تحررنا من ربقة هذه القيود نقول: قد وفينا بحق أنفسنا وبحق خالقنا وهذا ما يقربنا للحفاظ على قدسية الشعار الحسيني0 ومنها: صفاء القلوب والوحدة بين أبناء الطائفة الواحدة0إن ما يريده الحسين منا هو صفاء القلوب ، ونقاء السريرة ، والوحدة الحقيقية الخالصة ونبذ التفرقة والعصبية والبغضاء والتطرف والعنصرية والأحقاد المتوارثة والنزعات الحزبية الضيقة0فكم يتألم الإمام الحسين(ع) وهناك من يجلس في مأتمه من يبيت نية السؤ على الآخرين وكم يتألم(ع) عندما يغلق مأتما من المآتم الحسينية بسبب نزاعات تافهة وعصبيات جاهلية خبيثة0فنحن بأمس الحاجة إلى إصلاح البيت الشيعي من الداخل ولم الشمل وأن نتخذ من هذه المنابروسيلة للتقارب والتآلف والتحابب والإخاء والمودة النبيلة تحت راية الحسين(ع) وتحت ظل ولاية أهل البيت(ع) 0أيها الأحبة: لافائدة من البكاء والعزاء إذا لم نتوجه بتاج المحبة لبعضنا البعض وبالمداراة وبالأخوة الصادقة0وعندما نجلس في مآتم سيد الشهداء(ع) ونهتف من اعماقنا ياحسين فإن في هذه الصرخة الصفاء ، والنقاء ، والطهارة ، والقلب الكبير الذي يتسع الجميع وهو مصدر {هداية المهتدين وسفينة نجاة العالمين}0أيها الموالون: إنتقلوا من مأتم إلى مأتم وأنتم تحملوا برد الولاء ووهج الحب الخالص للإمام الحسين(ع) ولشيعته والباكين عليه ولاتضعوا الإستثناءات على مأتم دون مأتم وهذا يفرح قلب البتول الزهراء(ع) ويحقق فيكم ماكان يريده إمامكم الحسين(ع) الذي تقيمون المآتم لمظلوميته0 ومنها: الإلتزام الديني والتقيد بالضوابط الشرعية عندما نتطرق إلى الإلتزام الديني لايعني أننا نقصد بذلك التدخل في الحريات الشخصية للآخرين ولايعني أننا نمارس عملية الفرض بالإكراه {لاإكراه في الدين} وإنما مقصودنا نريد أن نوضح مطلب مانحن في صدده وهو مايتناسب مع حجم ثقل الرسالة التي قد ضحى من أجلها الحسين(ع) ألا وهي القيم الدينية والأخلاقية في الإسلام العظيم0فهل يتلائم ويتناسب أن يعزي الإنسان ويلطم على صدره لكنه في المقابل يستهين بالصلاة أويستخف بها أولايلتزم بتطبيق العبادات الأخرى في الإسلام ، إن هذا يشوه مبدأ الشعيرة الحسينية0وما التضحية الكبيرة التي قام بها أبوعبدالله الحسين(ع) إلا من أجل الدين وحياة الشريعة من هنا نفهم بأنه لاتوافق بين مشروعية قدسية الشعائر الحسينية وعدم التقيد بالضوابط الشرعية 0قد يقول القائل أنا لا ألتزم بالدين ولاأتقيد بالشرع لكني إذا اقبل موسم عاشوراء أعزي وألطم على الحسين(ع) نقول له هذا جيد وهداك الله وهذه الخطوة جيدة ولعلها تكون بادرة خيرلجعلك أن تلتزم بالدين وتصبح إنسانا متدينا لأن الحسين(ع) هو{مصباح الهدى وسفينة النجاة}0 وماعليك إلا القيام بشيء من بذل الجهد أكثر وتفكر بعقلك وتقف وقفة صريحة مع نفسك وتقول: هل الإمام الحسين(ع) يقبل عزاء المعزين بدون أن لايلتزموا بدينهم ومعتقدهم ، وأخلاقهم ؟اوقد تقول تلك الفتاة أنا لاألتزم بالدين ولا اتقيد بالحجاب الشرعي لكنني أنا فتاة عفيفة وشريفة وأحب السيدة الصديقة فاطمة الزهراء(ع) وأحضر مجالس العزاء لولدها الحسين(ع) وأعزي مع المعزين0نقول لمثل هذه الفتاة إن هذا الفعل حسن ولكن يكون أحسن ويتضاعف لك ثوابه أكثرإذا أصبحت ملتزمة بالصون والحجاب0عند ذلك ينظرإليك مولاك الحسين(ع) بنظرالرحمة والشفاعة فتكونين من أهل الجنة وهل هناك ماهو أثمن من نعيم الجنة ؟0فعلى النساء المؤمنات أن يلتزمن بدينهن ، ويتخذن بطلة الطف الحوراء زينب(ع) قدوة وأسوة حسنة لهن في الحياة0وعلى الرجال المؤمنين أن يلتزموا بالدين ويطبقوا شرع الله ويحموا الإسلام ويدافعوا عنه ويتخدوا من بطل الطف الخالد قمر بني هاشم العباس بن علي بن أبي طالب(ع) دروسا في التضحية والفداء والذود عن حرمة الدين0لقد قال أبوالفضل(ع): يومذاك في ساحة الفداء وقد قطع الأعداء اللئام يمينه والله إن قـطعـتمـوا يمينـي إني أحامي أبـدا عن ديني
فما يريده الحسين(ع) منا أن نلتزم بديننا وبقيم أخلاقنا ونتقيد بضوابط شرعنا حتى نكون من الحسينيين الحقيقيين0